هذه قصتي.. من ماليزيا إلى الجزائر في زمن الكورونا (8)

0

24 جويلية الكابوس / الحلم.
استيقظت او ايقظني احمد حوالي الساعة العاشرة صباحا بنية الذهاب مع “رفيق تمزيغين” للإتاء بالغداء ( آخر وليمة في المحشاشة) نضت بعد تقاعس وتثاقل لأني لم اشبع النوم ( نمنا قبل الصبح بساعة) ذهبت للحمام لأناول نفسي وأمسح وجهي .

عندما خرجت من الحمام قدم إلي احمد مبتهجا مبتسما قال لي اتصلو بي من السفارة واعلموه بالقدوم قبل 4 ساعات من الإقلاع ، في الاول لم اصدقه لانه قبل يوم السفير قال سأتصل بالشيخ ياسين لاعلمه ، وانا أهيئ نفسي للخروج اتا يحي ومنير وبدأو بالمزاح معي ( باباش يلا يزوا) – أبوك ذاهب – واتّبعهم رفيق هناك تيقنت ان الامر جدي فاختلطت المشاعر بين فرح وحزن.

ذهبت لاحمد وهو منهمك في ارسال الرسائل لامه وزوجته قلت له مبروك ( ببرودة قصوى) في الحين خرجنا من الدار لكن تبدل البرنامج لان احمد اراد ان يشتري شويا لسوفنير ، قبل ان نصعد في السيارة رن هاتف احمد من المتصل الشيخ ياسين تنميرت بارك له الاجلاء وحكي له كيف تعذب في نوم تلك الليلة ( يدجيت د الهم) في الطريق إلى لولو وأنا جالس في الخلف بدأت اسأل نفسي زعما راهو رايح! ؟.
سيبون مانتلاقاوش الويكاند الجاي! ؟
مانروحش لبوكيت تابور! ؟
وانا اطرح هذه الاسئلة على نفسي قاطعني احمد نبداو بلولو ولا شاين تاون ، قلت له اظن لولو افضل .

بعد شراء المنتوجات من لولو وتفرقنا مع رفيق ذهبنا إلى مسجد جاميك لشراء بعض الشيكولا والسوفنير ثم توجهنا إلى بوكيت لشراء بعض المزعبلات ( اعربت) .
احمد دار في بالو عفسة من ستاربوكس اشتراها ثم احتسينا كابتشينو خفيفة لان الوقت يداهم والاخوة بداو بالإتصال لان الغداء وصل والوقت يداهم .

احكمنا ڨراب باش نلحقو للدار بعد عدة محاولات لان التطبيق نفحتلو على update . وصلنا للدار وجدنا الغداء في الحصيرة ( إڨن اوشو …………) احمد والمسافرين لم يكملو الغداء لان التوتر في أعلى درجاته المهم عاونت احمد فالتخمال كنت نطبّڨ الاكياس الفارغة خدمة صعيبة البركة.

الطريق إلى مطار كوالالمبور

في الطريق للمطار كنت اريد إستماع للأغاني المشتركة بيني وبين احمد ك “الله اعلم” و see you again و bad lair لكن البلوتوت محلبناش….
الجزء القادم اكتبو انت

هل تفاجأت (أو افتجأت ) عزيزي القارئ من الأسطر الماضية؟! ، تغير أسلوبي قليلا أليس كذلك؟! هل ترونه أحسن أم أسوأ من أسلوبي السابق؟!
ههههه لا عليك فهذا ما كتبه حبيبي “صلوح” بعد إلحاح شديد مني ليوثق بلغته الخاصة تلك اللحظات، فأحببت أن أشارككم إياها دون أخذ إذنه لأنه أرسلها لي خصيصا – قبل أسبوع تقريبا لما كنت في فندق الحجر بقسنطينة – ولكن أحببت أن تتعرفوا على صديقي من خلال كتابته كذلك، وأظنكم أحببتم أسلوبه وربما سأترك له كتابة بقية فصول قصتي فهو أعلم شخص بها، فحتى بعد افتراقنا في المطار ظل يتابع ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة..

لكن بعبارات بسيطة جدا وخليط بين لغة عربية دارجة وفرنسية وإنجليزية وميزابية استطاع “صلوح” أن ينقل لي شخصيا إحساسه في تلك اللحظات وينقل لي بعضا من ألمه لفراقي القريب ، وأكيد أنكم ستتضامنون معه وستبكون حتى عوضا عنه لأنه كان يغالب دموعه ويرسم هدوءا كاذبا على وجهه، فهو رقيق القلب طيب النفس لكن شخصيته المرحة وذكاؤه المتّقد مع قلة حديثه في المجالس العامة يجعل جليسه يظن أنه بليد الإحساس ضعيف الذكاء العاطفي…، فهو من صنف البشر الذي تحتاج لوقت طويل ومهارة خاصة حتى تستخرج ما فيه وتصبر أغواره فتكتشف كنوزه المخفية في أعماااااااق نفسه

إذا مثلما ذكر رفيقي “صلوح” أخذنا سيارة أجرة إلى المطار بينما أقلّ “منير” الشيخ “ياسين” و “يحي” في سيارة أخرى وسبقونا إلى المطار، أثناء حمل الحقائب التي وظبتها على عجل بل حشوت ما اشتريته من هدايا ومقتنيات دون تفكير تلك الصبيحة فيما تبقى من مكان شاغر داخل حقيبتيَّ الوفيتان اللتان سافرتا معي إلى أدغال إفريقيا جوا وبرا وعبرتا معي أشهر الأنهار والبحيرات وقطعتا معي آلاف الكيلوميترات وجربتا معي رطوبة الجو الاستوائي وتبللتا مرارا وتكرارا وتنسمتا عبير القرنفل في الجزيرة الخضراء “بيمبا” واستمتعتا بمنظر الساحل الأخّاذ في “زنجبار” أثناء نزولهما من العبارة ذات يوم سنة 2013!!!!، فالحقيبتان ظلتا تنتقلان من شقة إلى أخرى خلال الأسبوعين الماضيين دون أن أفتحهما إلا ما ندر وهاقد جاء أوان الرحيل الأكبر..

من نقاط ضعفي التي حدثتكم عنها سابقا هو تعلّقي الشديد بالأشخاص الذين يتركون أثرا طيبا ولو بسيطا في حياتي، وهو شيء معقول بل ومحمود وأعتقد أنه من صميم الإنسانية ، ولكن أنا أعاني من نوع آخر من التعلق أظنه غير معقول بالشكل الذي أنا عليه وهو التعلق بالأماكن التي أقضي فيها بعض الوقت، ربما تقول الآن في داخلك أن الأمر طبيعي ومنتشر ولكن أنا أرتبط بالأماكن بشكل مبالغ فيه وأدرك ذلك ولكن لم أجد حلا لذلك، فالشقة التي انتقلنا إليها منذ أقل من أسبوع صارت لي في كل غرفة وزاوية منه ذكرى جميلة لا تنسى أبدا، فحين كنت أحزم حقائبي أخذت أنظر إلى كل زاوية نظرة وداع مسترجعا كل موقف ظريف او مؤلم – وهي قليلة- دارت أحداثه هناك.

وأنا أجر حقيبتي الكبيرة ألقيت نظرة خاطفة على غرفة “يحي” التي حظيت بالنوم فيها مرتين وشاركني “صلوح” في كليهما النوم هناك؛ وألقيت النظرة الأخيرة كذلك على غرفة الشيخ “ياسين” مركز الاتصالات سابقا ، مرورا بالمطبخ الذي يقع وسط البيت والذي شهد عدة وقفات لنا أثناء إعدادنا لبعض الوجبات المميزة تحت إمرة الشيف “منير”، عبرنا الحديقة المعلقة في الطابق الثامن للإقامة والتي تحتوي على مسبح جميل كدت أبكي وأنا أراه لأني لم أحظ ولو بغطسة واحدة فيه رغم عشقي للسباحة، ذلك أن السباحة كانت ممنوعة في كل ماليزيا لمدة تزيد عن الثلاثة شهور ولم يُرفع الحظر إلا منذ أيام قليلة مع شروط تجعل الإسترخاء في حوض الحمام المنزلي أحسن !.

ترى هل سيكون لي لقاء آخر مع ماليزيا؟

في الطريق للمطار كنت أنا و”صلوح” في الجزء الخلفي للسيارة وقد وضعنا حقيبة صغيرة بيننا ووضعت رأسي على كتفه بينما سرحت بذهني بعيدا متفكرا أو محاولا لأستوعب ما يجري حولي بسرعة فاقت السرعة الهائلة التي تجري بها الأحداث أصلا في زماننا الآن – ذلك “الزمان الصعب” كما يصفه الدكتور عبد الكريم بكّار – الأمطار الطوفانية التي ذكرتني بالبارحة يوم زيارة السفارة جعلتني أهمس في أذن مرافقي “أمطار خير ورحمة أليس كذلك شيخنا” هههه.

كان السائق يحاول شق طريقه بسرعة تجاه المطار وسط تلك الأمطار التي لا تكاد تصل الأرض حتى تبتلعها بشكل عجيب، كان الراديو يطلق أغاني وإعلانات مزعجة من حين لآخر حتى طلب “صلوح” منه الإذن لاستعمال البلوتوث – مثلما ذكر هذا آنفا – ولكن مالم يذكره “صلوح” هو أني طوال الطريق من كوالا لامبور إلى المطار الذي يقع في بوتراجايا التي تبعد حوالي أربعين كلم كنت أتأمل الطريق – الذي عبرته منذ ستة شهور داخلا متحفزا ومتحمّسا –

كنت أتأمله وأقول له ترى هل سيكون لي لقاء آخر معك في هذه الدولة؟! هل سأحظى بأيام جميلة وذكريات أخرى معك على هذه الأرض؟! كم سيطول فراقنا قبل أن نلتقي مجددا؟! وهل فعلا سنلتقي مرة أخرى؟!! هل تدرك معي أننا سنفترق بعد قليل وتنتهي قصة اجتماعنا وتنتهي تلك اللقاءات اليومية والخرجات الأسبوعية والسهرات شبه اليومية والنقاشات والحوارات الشيقة والجولات الصباحية والليلية وتختفي تلك الطقوس الثنائية التي اخترعناها معا دون تفكير لتبقى علامات فارقة وذكريات خاصة جدا بنا نحن الإثنان…؟!

طبعا كنت أتساءل بصوت مسموع وأدري أنه لا يملك لي جوابا ولن يستطيع أن يجيب عليها لأنها ببساطة أسئلة لا تنتظر جوابا أصلا . وإنما هي تنفيس لما في صدري من حرج وإشراك له في حزني الذي لا أقوى على دفنه في أعماقي مثلما يفعل هو وغيره بشكل عجيب!.

وصلنا المطار وأنا لا أزال تائها بين تلك الأسئلة أعُدُّ الثواني التي لازال باستطاعتي قضاءها في ماليزيا بجوار رفيقي، نزلنا فوجدنا مجموعة من الشباب الجزائريين واقفين بجوار حقائب صديقهم الذي سيغادر ويبدو أنه لم يدخل للمطار حتى يشفي غليله من السجائر التي سيتوقف عن تقبيلها بمجرد دخوله، سلمنا عليهم وتبادلنا التهاني بقرب موعد العودة للديار دون أن يشعروا بأن كلانا ينافق فالحزن على الفراق في تلك اللحظات كان أضعاف الشعور بالفرحة للعودة للوطن والأهل والأحبة!.

اتصلنا ب “يحي” لنعلم مكان وجودهم في المطار فقال لنا بأنهم يوشكون على دخول موقف السيارات وسيدركوننا في قاعة الذهاب بعد قليل، في المدخل اصطف عدد لا بأس به من المسافرين وكان جلهم جزائريون يقف الواحد منهم أمام الشرطي أو الشرطية لتقيس حرارة جسمه ثم يقوم بمسح scan للكود أو الرمز ويدخل معلوماته وإلا يحمل القلم ويسجل بياناته في السجل الموضوع على طاولة، بمجرد مرورنا بلحظات زاد الضغط على المدخل وكثر الهرج حينما وصلت حافلة او اثنتان يبدو أنهما كانت تقلان طلبة الجامعة الإسلامية أو الجزائريين الذين كانوا معا في فندق خصصته السفارة لهم.

تقدمنا بشكل بطيء جدا بعد ذلك فكلانا لا يريد أن تمر سريعا الإجراءات وتتم عملية التسجيل بسرعة – غير متوقعة – ونضطر للفراق دقائق أو ساعات قبل الموعد المخطط له، فالساعة آنذاك كانت تشير إلى حوالي الخامسة عصرا وتوقيت إقلاع الطائرة الرسمي هو التاسعة ليلا، وهو الأمر الثاني الذي تم تعديله بعد تعديل يوم السفر الذي قُدِّم بيوم واحد، لكن توقيت الإقلاع علمنا من أول جزائريين نعرفهم أنه تم تأجيله إلى الواحدة بعد منتصف الليل وهو أمر طبيعي جدا لمن يسافر مع الخطوط الجوية الجزائرية، بل من غير الطبيعي أن تسافر معها في التوقيت الرسمي وإلا فسيحدث أمر غير محمود لم تم ذلك .

أجواء التسجيل وتسليم الحقائب وأخذ ورقة الركوب boarding pass لم تكن تشبه أي من أسفاري الماضية التي تجاوزت على ما أظن الثلاثين مرة عبر المطارات المختلفة، ووصفه سيحتاج مني لطاقة أكبر ونفسية أحسن، فلتتصوروا تلك الأجواء علما أنها عملية إجلاء ربما يعيشها الأغلبية لأول مرة في حياتهم.

#يُتبع

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This site is protected by wp-copyrightpro.com