لطالما كنت أرى ان الاكل في الشارع وكثرة الحديث عن الطعام من خوارم المروءة وحتى تصويره في الوقت الحالي، لكن السفر غير هذه الفكرة قليلا، لأن تجربة الثقافة المطبخية في بلد آخر تجربة تستحق الحديث عنها، لنتعرف على تلك الشعوب من زوايا أخرى.
عندما تتذوق طعام شعب ما سوف تتعرف على تاريخه وعاداته وتقاليده المتجذرة في الأرض التي يسكن فيها وتتعرف على علاقته الوطيدة بها.. سوف تكتشف لا ريب مدى ذكاء هؤلاء الناس، كيف يختارون الأغذية التي تناسب بيئتهم وتحافظ على صحتهم، كيف يلاعبون الأطباق بالمذاقات والبهارات المناسبة، وحتى كيف يتحكمون في النار وهم يحضرون طعامهم.
ستتأكد أيضا من أسلوب حياتهم ورقيهم وكرمهم، من خلال طريقة تقديم الطعام لأنفسهم، ومن خلال الاجتماع على الوجبات في المناسبات، أو حين يجعلون من كل اجتماع مناسبة في حد ذاتها… أما عن الكرم فلا تقل عن الشعوب مضيافة الا اذا تناولت طعامها فتدرك مدى كرمها وسخائها في معاملة الضيوف.
عن تجربتي، في اول زيارة لي لإندونيسيا كنت مع صديقي الجزائري المقيم معي في نفس الشقة بكوالالمبور، والذي لم يكن يتناول الا طبخه أو من المطاعم العربية أو مطاعم الأكل السريع، على عكس ذلك كنت متفتحا تجاه المطابخ العالمية، وهنا كان التحدي ونحن نزور دولة جديدة معا لأول مرة، وفي الرحلة البرية من جاكرتا الى جيوجاكرتا قررت أن أجرب كل طعام محلي ينصحني به صديقنا الإندونيسي، ووجد ابن مدينة وهران الجزائرية نفسه مضطرا لفعل ذلك معي.
تمتعنا مع بعض باكتشاف تلك الأطعمة التي أبرزت لنا تنوع الثقافة الاندونيسية في جزيرة جاوة فقط، فكيف بالأرخبيل العظيم !؟، وتغير تفكير صديقي الوهراني في تناول أطعمة الغير، فأصبح أكثر تفتح من ذي قبل وهو يجرب كل طعام. كما تعرفنا جليا على شيء يجمع الاندونيسيين وهو الكرم اللامتناهي، لم أذكر في حياتي أنني أكلت بذلك الحجم وعدد المرات في اليوم الواحد.
تشير الدراسات إلى أن نسبة لا بأس بها من السياح الدوليين يسافرون من أجل تذوق الأطعمة، ونسبة كبيرة يضعون جودة المطبخ من أهم الأسباب لاختيار وجهة معينة، كما تقول دراسات عالمية أن نسبة كبيرة من المسافرين يواصلون تجربة نوع ما جربوه في رحلاتهم، سواء بالاعداد أو بارتياد مطعم عالمي يوفر ذلك النوع من الطعام.. هل لديك نوع ما من المأكولات او المشروبات جربته في رحلة سياحية وبقي رفيقك عند العودة الى الوطن؟
