إذا كنت من هواة السياحة الثقافية ومحبي الوقوف على الحضارات والممالك السابقة سواء من خلال الآثار المندثرة أو القصور والحصون والقلاع التي لا تزال قائمة وربما عدد كبير منها تحول إلى متاحف ومعارض لاستقبال الزوار بمقتنيات لتعريفه أكثر بالتراث الحضاري، هناك مجموعة من القصور الاثرية في الشرق الاوسط التي يمكنك زيارتها خلال رحلتك إلى اي واحدة من الدول العربية في المنطقة.
مصر
تضم مصر عددً كبيرًا من القصور التي يتم استغلالها جيدا في السياحة فهي مهيأة لاستقبال الزوار، ومن بين أشهر القصور التي يمكنك زيارتها ولا تزال قائمة كمتاحف تعرض فيها مختلف المقتنيات مثل قصر عابدين الذي يعود لسنة 1836 وقصر المانسترلي سنة 1851 إضافة إلى قصر البارون إمبان منذ سنة 1911 وكلها في القاهرة، أما في الإسكندرية فيوجد فقصر رأس التنين ويرجع تاريخ بنائه لعام 1834.
وتضم قلعة صلاح الدين الأيوبي على جانب جامع محمد علي عددًا من القصور من بينها قصر الجوهرة الذي بني عام 1814 وأصبح اليوم متحفًا للتراث الإسلامي، أما قصر الجزيرة الذي يقع في الزمالك فهو من القصور الملكية المصرية التي تعود لأسرة محمد علي وهو اليوم جزء من احد الفنادق الشهيرة التي يمكنك الإقامة فيها، غير أن قصر القبة وهو أكبر القصور لن تستطيع زيارته إلا إذا كنت ضمن وفد رسمي فهو مخصص لنزول الرؤساء والضيوف الأجانب.
ويعد قصر الأمير بشتاك هو الآخر من نماذج فريد العمارة و القصور الملكية لفترة المماليك ويقع في شارع المعز، ونفس الأمر بالنسبة لقصر الأمير طاز الموجود بالقاهرة القديمة، كما أن هناك مجموعة وافرة من القصور الحديثة التي ابدع في هندستها مهندسون مصريون وأوروبيون، مثل قصر الاتحادية وقصر شامبيليون والسكاكيني وغيرها.
المملكة العربية السعودية
في المدينة المنورة وجهة رائعة يغفلها الكثيرون تتمثل في وادي العقيق أين كانت توجد أولى القصور الأموية مثل قصر سعد بن أبي وقاص قصر سكينة بنت الحسين، ولكن قصر عروة هو الوحيد الذي بقي صامدًا حتى اعيد ترميمه مؤخرًا ليصبح واحدًا من أهم المعالم التاريخية في المدينة المنورة. أما القصور الملكية الحديثة فلا يمكننا حصرها هنا، ولكنك ستجد في كل مدينة ما يٌشبع تجربتك الثقافية السعودية.
ومن القصور الحديثة قصر برزان التاريخي بمدينة حائل شمال المملكة والذي يمكن زيارة ما تبقى منه (البرجين)، وهو قصر بني حوالي سنة 1808 للميلاد من طرف محمد بن عبدالمحسن آل علي وشهد فترة فترة حكم عائلة آل علي ثم عائلة آل رشيد، وفي مدينة الطائف قصر شبرا التاريخي وهو من القصور التاريخية التي تحولت إلى متاحف، أنشئ من طرف علي عبد الله بن عون باشا سنة 1904 للميلاد وحول إلى متحف محافظة الطائف سنة 1995.
ويعد قصر الحكم بدوره قصرًا تاريخيًا وسياسيًا مهمًا في تاريخ المملكة، حيث يرجع إلى بداية الدولة السعودية الثانية عند انتقال العاصمة من الدرعية إلى الرياض، ومن القصور الملكية التاريخية التي تستطيع زيارتها قصر المربع في الرياض، وقصر خزام في جدة الذي تحول إى متحف إقليمي، و في مكة المكرمة فإن قصر السقاف مفتوح للزوار منذ عام 2006 ليأخذك إلى عالم القصور الملكية السعودية وعمارتها الأصيلة.
الأردن
إذا كنت تبغي الوقوف على أطلال قصور تعود لما قبل الميلاد فإن الأردن وجهة تغريك بذلك وخاصة على طول طريق الملوك السريع حيث القلاع والحصون، يمكنك زيارة قصر شبيب الذي يرجع للعام 45 قبل الميلاد وقصر الحلابات وتاريخ يعود لسنة 63 قبل الميلاد، وكذلك قصر العبد أو قصر عراق الأمير وهو الأقدم إذ يعود للقرن الثاني قبل الميلاد ويقع على بعد 35 كيلومترا غرب مدينة عمان.
ومن القصور الأموية التي لا تزال قائمة كآثار عريقة وسط الصحراء هناك قصر الحرانة الذي يبعد 65 كيلومترا شرق عمان باتجاه الأزرق، وقد بني سنة 710 من طرف الخليفة الوليد بن عبد الملك، وهناك أيضًا قصر عمرة الذي يعود تاريخه لسنة 715 ميلادية، وقصر المشتى على بعد 32 كيلومترا جنوب شرق العاصمة عمان، والذي بناه الخليفة الوليد بن يزيد عام 744 للميلاد.
كما ترك العثمانيون بدورهم عددا من القصور مثل قصر القطرانة وقصر الضبع بين عمان والعقبة، وهذا دليل على تأثيرهم ومكانتهم في بناء القصور الاثرية في الشرق الاوسط ، وكذلك قلعة الحسا التي يقال أنها ترجع للدولة الطولونية، وقد أصبحت جميعها مزارات لهواة التعرف على المعالم المعمارية العربية والإسلامية.
سوريا
رغم أن المكان لا يصلح للسفر والسياحة في سوريا في الفترة الحالية بسبب الحرب، ولكن الموضوع يستدعي منا ذكر روائع العمارة القديمة والإسلامية في بلاد الشام التي تضم العديد من القصور وأهمها الأموية، مثل قصر الحير الشرقي في البادية السورية شرق كدينة السخنة، وقد بناه الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك سنة 100 هجرية، ثم بنى بعده قصر الحير الغربي غرب مدينة تدمر الأثرية حوالي سنة 107 هجرية.
ويعد قصر ابن وردان والمعروف كذلك باسم دير القبة بفضل تصميمه من أهم الآثار القديمة التي لا تزال منتصبة وشاهدة على التفوق العمراني وهو يقع بالقرب من مدينة حماة، أما أهم القصور العباسية فيتجلى في قصر البنات بمدينة الرقة والذي يلق عليه اسم قصر العباسيين أيضًا.
كانت القصور السابق ذكرها عبارة عن أطلال وآثار، ولكن هناك من القصور ما يزال قائمًا بشكل جيد، مثل قصر العظم في مدينة حماة وهو من أجمل القصور التي بنيت خلال الفترة العثمانية، ويستخدم اليوم كمتحف للتراث الشعبي للمنطقة، ويوجد أيضا قصر آخر يحمل نفس الاسم ويقع في العاصمة دمشق بجانب الجامع الأموي الكبير، وقصر العظم الدمشقي نموذج رائع للفن المعماري الإسلامي المتطور، بني عام 1794 وهو اليوم متحف للمقتنيات التاريخية والتراثية.
لبنان
بين قصر بعبدا الرئاسي وقصر السراي الكبير وهو أيقونة عثمانية عريقة بنيت خلال القرن التاسع عشر، وقصر بيت الدين الرئاسي الصيفي (قصر الأمير بشير) والذي يفتَح أبوابه للزوار في مهرجان فني سنوي يقام في باحته، هناك مجموعة من القصور الجميلة التي يفتخر بها لبنان الشامخ، والتي تتراوح بين حقب تاريخية مختلفة، بعضها اليوم تم تحويله إلى متاحف تحفظ عراقة وأصالة لبنان المتنوع حضاريًا.
متحف سرسق واحد من القصور الأثرية اللبنانية المعروفة، وقد بناه نقولا سرسق سنة 1912 على هضبة الأشرفية في بيروت، وهبه صاحبه ليصبح متحفاً للفنون الحديثة، وهو يضم اليوم مجموعة من المقتنيات والقطع الاثرية الثمينة والأعمال الفنية الإسلامية.
هناك قصور تحولت إلى متاحف مثل متحف صيدا التاريخي الموجود في مبنى قصر دبانة الذي شيد عام 1721، أما سراي بعقلين فقد أصبح مبنى المكتبة الوطنية اللبنانية وهو مبنى رائع من أبرز السرايا التي شيدها نعوم باشا حيث تظهر فيها آثار الفن المعماري الإسلامي القديم والتي جعلته ستحق أن يكون من ضمن أجمل اشهر القصور الاثرية في الشرق الاوسط.
العراق
يمكنك صديقي العاشق للحضارة العباسية التي اهتمت بالفنون المعمارية أيما اهتمام أن تجد ملامح القصور العباسية في العراق من خلال الأطلال والآثار المندثرة الكثيرة أو بعض القصور القليلة التي مازالت قائمة وشاهدة على تلك القرون، وللتدقيق أكثر تستطيع زيارة المتاحف لمشاهدة بقايا هذه المعالم والتعرف عليها أكثر.
من القصور العباسية التي لا تزال قائمة يمكن زيارة أطلالها قصر العاشق الذي يقع في غرب مدينة سامراء وقد بناه الخليفة العباسي المعتمد قبل الانتقال إلى بغداد كعاصمة جديدة، هناك أيضًا قصر صيد الموجود بالقرب من كربلاء ويرجع تاريخه لسنة 164 هجرية، أما قصر بلكوارة الذي بناه الخليفة المتوكل لابنه المعتز فهو أيضا يقع بالقرب من مدينة سامراء.
توجد ايضا قصور أخرى بناها الخليفة المنصور مثل قصر الذهب وسط مدينة بغداد العاصمة الجديدة للخلافة العباسية، وقصر الخلد الذي بناه وراء باب خراسان، أما المأمون فقد بنى قصر الرصافة لأول مرة شرق نهر دجلة، إضافة إلى قصر عيسى بن علي وقصر الوضاح وقصر الفردوس وغيرها من القصور التي أصبحت أطلالًا تنتظر الوقوف عليها عندما يسود المان أرض العراق.
